مع بدء العديد من دول العالم فى تطبيق تقنيات الجيل الخامس للاتصالات المحمولة، يتوقع الخبراء أن تتصل مليارات الأجهزة الاستهلاكية بالشبكة، مما سيغير الطريقة التى تقوم بها شركات الاتصالات بنقل البيانات للمشتركين. ويعتقد الخبراء أن كميات البيانات الضخمة التى سيتم توليدها وتحليلها فى نطاق تطبيقات إنترنت الأشياء، والذكاء الاصطناعى، يمكن أن تشكل عبئا على الشبكات، لدرجة تجعلها غير قادرة على تلبية المتطلبات الطموحة والمتزايدة للعملاء فى الحصول على نطاقات عريضة، وسرعات فائقة.
كما تشير الدراسات إلى أن عدد الأجهزة التى ستتصل بالإنترنت سيصل إلى ما يزيد على 34 مليار جهاز متصل بالشبكة عام 2025، فى حين سيصل معدل سكان العالم إلى حوالى 8.18 مليار نسمة، أى أننا سنكون إزاء ما يتراوح بين 4 أو 5 أجهزة لكل شخص. وتتراوح هذه الأجهزة ما بين أجهزة الموبايل، والأجهزة الإلكترونية المنزلية، والمستشعرات، والسيارات، وغيرها. الأمر الذى يعنى أننا سنكون بحاجة لمعدلات نقل هائلة، وبشكل غير مسبوق للبيانات مما يستدعى تأهيل شبكات الاتصالات وتجهيزها بالعتاد اللازم للتعامل مع الواقع الجديد. فتدفق البيانات بلا حدود، بالإضافة إلى توليد كميات جديدة من البيانات، يعنى أن الشبكات الحالية من الجيل الرابع، وربما شبكات الجيل الخامس أيضا، يجب أن تستعد لتلبية هذه المتطلبات.
ومع ارتفاع التوقعات والمتطلبات، يتزايد الاعتماد على شبكات الاتصالات البصرية Optical Transport Network-OTN بسبب القفزة الكبيرة التى حققتها هذه التكنولوجيا التى تقدم حلولا واعدة للمستقبل، تتركز فى كونها منصة مفتوحة قابلة للتطور وللبرمجة بمرونة بشكل يؤهلها لاحتلال مكانة متقدمة بين مختلف تقنيات الاتصالات الأخرى.
وشبكة الاتصالات البصرية (OTN) هى عبارة عن مجمع كبير لسيرفرات (أجهزة كومبيوتر خادمة) متوزعة فى أماكن مختلفة ومتصلة بواسطة كابلات الألياف الضوئية أو عبر نواقل بصرية لنقل البيانات عبر مختلف العُقَد المكونة للشبكة. وتسمى الأجهزة المستخدمة لنقل البيانات معداتالشبكية.
وتعتمد قدرة الشبكة أساسا على نوع الإشارات المستخدمة فى نقاط الإرسال والاستقبال. ففى السابق كان يتم استعمال طول موجى واحد لنقل البيانات ضوئيا، مما يحد من عرض النطاق الترددى لتردد الإرسال والاستقبال للأجهزة على طرفى قناة الإتصال. ولكن مع تطبيق تقنية مضاعفة تقسيم الطول الموجى (WDM) ارتفع عرض النطاق الترددى للشبكة البصرية إلى حوالى 100 جيجا فى الثانية، وتمكنت الكثير من الشركات مثل: Verizon و AT&T من تحقيق هذه المعدلات فى شبكاتها.
المميزات
وبالإضافة إلى السعة والسرعة تتميز الشبكات البصرية بـ:
1- قلة التكلفة: حيث يمكن لهذه التقنية أن تخدم عدة عملاء من خلال قناة واحدة، على عكس التقنيات السابقة مع الحفاظ على المتطلبات المحددة لكل عميل، مما يقلل من التكلفة الإجمالية لنقل البيانات، ويضمن أقصى قدر من الكفاءة فى استخدام الترددات المتاحة للنقل.
2 – سرعات عالية: تقدم التقنية الجديدة سرعات غير مسبوقة فى التكنولوجيات العتيقة، فهذه الشبكات مصممة أساسا لتقديم خدمات نقل حزم عالية من البيانات بسرعات تصل إلى ما بين 100 جيجا إلى 400 جيجا فى الثانية، وقد تصل إلى "تيرا"فى الثانية.3 – الاعتمادية: مع الشبكات البصرية يمكن للمشغلين ضمان نطاقات عريضة، مما يعنى ضمان كفاءة الأداء الذى سيحصل عليه كل عميل.
4 –شبكات افتراضية: تتمتع الشبكات البصرية الجديدة بميزة إمكانية تقسيم الشبكة إلى عدة شبكات بصرية افتراضية خاصة Optical Virtual Private Networks مما يعنى إمكانية توفير جزء مستقل من موارد الشبكة لكل عميل.5 – المرونة والذكاء: يمكن للمشغلين استخدام التكنولوجيات اللازمة لدعم المتطلبات الحالية، مع إمكانية اعتماد التكنولوجيات المستقبلية حسب ما تقتضيه احتياجات الشبكة.
6 – التصميم الآمن: تضمن الشبكات البصرية وجود روابط مخصصة لقنوات نقل البيانات. وتضمن تقسيم الحركة على الدوائر المخصصة لها بمستوى عال من الخصوصية والأمن، مما يردع المتسللين الذين قد يحاولون التسلل إلى جزء من الشبكة لاعتراض البيانات أو الحصول على صلاحيات للوصول لمناطق أخرى من الشبكة، وتهديدها.7- بنية تحتية ديناميكية: تسمح الشبكات البصرية من خلال امتلاكها لعدة مستويات للتحكم فى الأداء بديناميكية مع سرعة الاستجابة لمتطلبات التطبيقات فى الوقت الحقيقى، مما يتيح الفرصة لتقديم خدمات جديدة.
الاتصالات البصريةتطلعات متزايدة
بالنسبة للأفراد، فمن المتوقع أن يتزايد الطلب على خدمات النطاق العريض لعدة أسباب، من بينها، تزايد الطلب على التخزين السحابى للمعلومات الشخصية، وارتفاع الإقبال على الألعاب عبر الإنترنت، والتسوق عبر الإنترنت، والبقاء على اتصال مستمر مع وسائل الإعلام، والتواصل الاجتماعية، وخدمات الدردشة عبر الفيديو. وكل هذه التطبيقات تتطلب من مقدمى خدمات الاتصالات توفير المزيد من القدرات والسرعات على شبكاتهم.كما سيواجه مقدمو الخدمات طلبا كبيرا من زبائنهم من رجال الأعمال، والمؤسسات. وسيكون هذا الطلب مدفوعا بزيادة عمليات التجارة الإلكترونية، والخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول، ومواقع الإنترنت، والخدمات الحكومية الإلكترونية، وشبكات المرافق الحكومية، والأتمتة الصناعية، وغيرها من الخدمات التى تحتاج إلى سرعات متزايدة.
انقطاع الكابلات
كما أنه لن يكون مقبولا بأى حال من الأحوال، أن نسمع مرة أخرى عن أى مخاطر يمكن أن نتعرض لها بسبب أسباب واهية، كانقطاع كابلات الإنترنت، ولن يكون العالم مستعدا لمواجهة كوارث من مثل هذا النوع على غرار ما حدث من قبل عامى 2008 و 2009 من تباطؤ وانقطاع لخدمات الشبكة فى الشرق الأوسط والهند، وما حدث فى يناير 2010 من انقطاع لخدمات شبكة الإنترنت عن دول الخليج العربى وشمال إفريقيا، حيث تضررت مصر وقتها من تعطل بنسبة 70% من قدرات الشبكة، والهند بنسبة 60%، بالإضافة إلى المشكلات التى واجهتها قطر، والسعودية، والبحرين، والإمارات، ودول عدة أخرى. لقد كلفت تلك الأخطاء اقتصاديات الدول مليارات الدولارات، وأدت لانعدام الثقة بين المستهلكين والمنتجين بسبب التباطؤ فى عملية الإصلاح. ولهذا، سيكون على مشغلى الاتصالات وشبكات الاتصالات، وغيرهم من مقدمى خدمات الشبكات، تلافى تلك المشكلات والأخطاء نهائيا، بل، ودعم الطلب المتزايد من خلال رفع مستوى شبكاتهم، والعمل على تقديم خدمات ذات قيمة مضافة جديدة.
ZTE ودفعة قوية
تلقت الشبكات البصرية عدة دفعات قوية من كبار اللاعبين العالميين فى مجال الشبكات، ففى فبراير 2016 وخلال فعاليات المؤتمر العالمى للاتصالات فى برشلونة، بإسبانيا، أعلنت شركة ZTE لأول مرة عن تقديم منتجات جديدة منتجات تدعم الشبكات البصرية.
سيسكو على الخط
وفى مارس 2016 كشفت شركة "سيسكو" عن ابتكارها لمجموعة من الخدمات التى يمكن تقديمها فى إطار الشبكات البصرية، لمعالجة التحديات التى يواجهها مقدمو الخدمات، والمتمثلة فى نقل كميات كبيرة من البيانات عبر تقنية: "الإرسال المتعدد بالتقسيم الزمنى"Profitable time-division multiplexingوشملت تلك المنتجات طرقا جديدة لتجميع كابلات الألياف الضوئية، ومنتجات لدعم موصلات الألياف البصرية.
الألياف الضوئية
ويعتمد نظام الألياف الضوئية على نقل تضمين البيانات عبر أشعة الضوء التى يتم نقلها عبر كابل الألياف البصرية، بهدف تسليم البيانات بمعدلات أسرع. وأوضحت سيسكو، أنها وضعت بعين الاعتبار بعض العوامل التى تتلاءم مع الشبكات الجديدة، مثل کمیات البیانات المراد إرسالھا، وطرق تجميع الکابلات الحالیة المستخدمة، ونوعية الموصلات المستخدمة فى الشبكات، وغيرها من مكونات الشبكة.
وفورات هائلة
لقد وفرت الشبكات التقليدية التى اعتمدت تقنيات "التسلسل الهرمى الرقمى المتزامن" و"التشبيك الضوئى المتزامن" حلولا مناسبة إلى حد كبير، ولكنها باتت عاجزة عن تلبية الطلب غير المشروط على النطاقات العريضة من جانب أعداد متزايدة من التطبيقات. فجاءت تقنية "تعدد الإرسال بتقسيم الطول الموجى" كاستجابة ناجحة لتحديات الطلب على النطاق العريض، ومتطلبات التطبيقات القائمة على حزم نقل البيانات. كما أنها وفرت التقنيات الضرورية اللازمة لتقسيم النطاق الترددى إلى موجات متعددة على نفس الألياف، مما يعنى أنها ساهمت فى انخفاض هائل فى تكلفة النطاق الترددى، ودعمت إمكانية حمل مجموعة متنوعة من التطبيقات والخدمات على نفس الشبكة.
تفاؤل شديد
مع المميزات السابق ذكرها، بالنسبة للشبكة، فإن تفاؤلا شديدا تدعمه الدراسات والأبحاث بأن تشهد سوق شبكات الاتصالات البصرية معدل نمو سنوى مركب يصل إلى 19.3٪. ومن المتوقع أن يصل حجم سوق الشبكات البصرية إلى 33.44 مليار دولار أمريكى بحلول عام 2025 بعد أن كانت 11.70 مليار دولار أمريكى فى عام 2016. وهناك تقديرات أشد تفاؤلا بأن ينمو سوق الشبكات البصرية العالمى ليصل إلى حوالى 34 مليار دولار أمريكى فى عام 2023. وتشير دراسة أخرى إلى توقعات بأن ينمو سوق الشبكات البصرية العالمى بمعدل سنوى مركب يبلغ 15٪ ليرتفع إلى 23 مليار دولار أمريكى فى العام القادم 2019وإلى 33 مليار دولار أمريكى بحلول عام 2025.
الوضع الحالى
وفى الوقت الحالى، تقود الصين السوق العالمية بأكملها بحصة سوقية تقارب 20٪ نظرا لأن لديها اقتصاديات صاعدة، ولديها أعلى معدلات نمو سنوية مركبة، ويليها الولايات المتحدة الأمريكية، ثم أوروبا، يليها بقية دول العالم. وم المتوقع أن يرتفع الطلب على هذه الشبكات فى دول أمريكا الشمالية، والقارة الأوروبية، بسبب توافر معدلات إقبال ضخمة على النطاقات العريضة. كما من المتوقع أن تشهد أوروبا نموا سريعا فى الفترة المقبلة. وتتمتع الشبكات البصرية بدعم مجموعة لا يستهان بها من كبار اللاعبين فى مجال الشبكات، فهناك عمالقة الشبكات أمثال سيسكو، وهواوى، و ZTE والكاتيل-لوسنت، وسيينا، وفوجيتسو، وغيرهم، مما يوحى بأن الشبكات الجديدة ليست مجرد نزوة، أو صرعة جديدة، ولكنها جاءت لتبقى، ولتقدم خدماتها لسنوات طويلة فى المستقبل.
عوامل النمو