القاهرة ـ «القدس العربي»: (سمعة مصر في خطر) كم من الجرائم ترتكب باسم تلك الجملة منذ عقود بعيدة كتب تحظر وأصحابها يرحلون وأفلام تدشن ضدها حملات وصحافيون تضيق بهم الأرض بما رحبت، بسبب العبارة نفسها.. مؤخرا قرر الرئيس السيسي إلغاء مد حالة الطوارئ، فسادت حالة من التفاؤل الكبير، وإن كانت قوى المعارصة ما زالت تتحسس موضعها على الأرض وبلغت بها الأماني مبلغها بسبب ما يتردد منذ فتره بشأن عفو شامل سيصدره الرئيس عن معارضين لم يتهموا بجرائم قتل أو سفك دماء، وألقى قرار الرئيس ظلاله على صحف أمس الثلاثاء 26 أكتوبر/تشرين الأول، فلم تخل أي منها من عبارات الرضا والثناء، وصدرت بيانات من مختلف المؤسسات ترحب بإلغاء حالة الطوارئ، وتصدر المشهد رموز المجتمع وشخصيات عامة، ومن بين الذين رحبوا بالخطوة الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، الذي اكد أن إلغاء تمديد حالة الطوارئ هو إنجاز حقيقي يضاف إلى قائمة الإنجازات التي حققتها الدولة المصرية في مجالات عدة خلال الفترة الأخيرة.. ومن جانبه أكد الدكتور محمد المحرصاوي رئيس جامعة الأزهر، أن القرار يمثل انطلاقا نحو الجمهورية الجديدة، ويؤكد تحقيق الدولة لأهدافها في القضاء على الإرهاب، وتحقيق الاستقرار. وخلص الدكتور عبد المنعم سعيد إلى أن “القرار ستكون له آثار إيجابية في كل شيء عن سمعة مصر في الخارج”. وشدد الكاتب عادل حمودة، على أن القرار صدر دون أن تكون هناك ضغوط تدفع نحو اتخاذه. وأضاف أن القرار يثبت أن الرئيس مطمئن بشكل كامل على قوة أركان الدولة واستقرارها، وقدرتها على مواجهة أي تحديات. ووصف رجل الأعمال نجيب ساويرس الأمر بأنه “خطوة شجاعة ومبهجة.. تعزز الاستقرار.. وتشجع الاستثمار والسياحة”. وذهب المستشار بهاء أبو شقة وكيل مجلس الشيوخ ورئيس حزب الوفد إلى أن القرار يتوقع من ورائه أن “تلغى جميع الإجراءات الاستثنائية أمام محاكم أمن دولة طوارئ، والأحكام التي كانت تخضع للتصديق من مكتب شؤون أمن الدولة”. وترجم اللواء يحيى الكدواني عضو لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب الخطوة بـ”إلغاء أي إجراءات استثنائية كانت تُتبع وفق قانون الطوارئ”. وأشار الكاتب أحمد الخطيب إلى أن القرار الرئاسي يؤكد أن مصر وصلت إلى كامل قوتها كدولة.ومن أبرز تصريحات أمس: كشف الدكتور محمد عبد العاطي وزير الموارد المائية والري، أن الدولة المصرية تضع في اعتبارها كل الاحتمالات الممكنة في ما يخص سد النهضة الإثيوبي، ومنها احتمالية انهيارة، وهو ما تم الاستعداد له بشكل كامل. وقال عبد العاطي خلال الجلسة العامة الثالثة ضمن فعاليات أسبوع القاهرة الرابع للمياه، أنه سيتم خلال الفترة المقبلة عمل مشروعات بنية تحتية إضافية في محيط السد العالي في بحيرة ناصر لضمانة استيعاب كميات المياه الوارده بشكل مفاجئ وفي مدة قصيرة من سد النهضة. ولفت إلى أن عملية الاستعداد للاحتمالات كافة تشمل أيضا تنفيذ عدد من مشروعات البنية التحتية التي تراعي أيضا احتمالية عدم وصول المياه إلى بحيرة ناصر في الوقت المحدد. واهتمت الصحف كذلك بتطورات الأوضاع في السودان
لا تثقوا به
حرص محمد عصمت في “الشروق” أن يذكرنا بالتالي: يستطيع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، أن يحيل حياة المصريين إلى قطعة من الجحيم، بمجرد أن يقرر غلق بوابات سد النهضة في فترات الجفاف والجفاف الممتد. وطبقا لمنظمة العفو الدولية، تعرضت مئات النساء في تيغراي إلى الاغتصاب الجماعي أمام عائلاتهن، في حين تعرضت أخريات إلى العبودية الجنسية من جنود آبي أحمد ومن جنود الجيش الإريتري الذي تحالف معه في حربه ضد أبناء بلده، في حين أعلنت الأمم المتحدة أن 400 ألف إثيوبي يعانون من المجاعات، ويقف 1.8 مليون آخرين على أعتابها جراء هذه الحرب، في الوقت نفسه الذي يواصل فيه الطيران الإثيوبي قصف المدنيين في الإقليم، حيث لقى 50 تيغراويا مصرعهم في أحد الأسواق، وتم تصوير هذه المذبحة من أحد الناجين من هذا القصف ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، كما وثقت جهات أممية أخرى حوادث قتل ارتكبها جنود آبي أحمد ضد مدنيين في الإقليم، وإلقاء جثثهم من فوق الجبال. قائمة الجرائم تطول، كان آخرها حينما قصف الطيران الإثيوبي مستشفى ومصنعا في الإقليم، كما تؤكد جبهة تحرير تيغراي، دون أن تبدو في الأفق ـ حتى الآن ـ بوادر حقيقية لوقف هذه الحرب، خاصة مع «هشاشة» الضغوط الدبلوماسية والاقتصادية التي تمارسها الدول الغربية على نظام آبي أحمد، ورغم أن الدستور الإثيوبي نفسه يعطي للأقاليم الإثيوبية حق تقرير المصير والانفصال عن الدولة.
سد كخنجر
السؤال الذي ينبغى أن يشغلنا في مصر، حكومة وشعبا، والذي طرحه محمد عصمت، هل رجل مثل آبي أحمد بكل هذه «المواصفات الدموية» يمكن أن نثق به خلال المفاوضات المرتقبة حول سد النهضة؟ وما الجديد الذي يمكن أن يدفعه ليكف عن المراوغة والمماطلة والتلاعب بنا كما فعل هو ومن سبقه من القادة الإثيوبيين، ليوقع خلال سقف زمني معقول اتفاقا ملزما لتشغيل السد، كما طالب الوزير سامح شكري مؤخرا؟ وما الذي يمنعه من تنفيذه لتهديداته المبطنة حتى الآن بإنقاص حصتنا من مياه النيل؟ وهل تهتز شعرة في رأس الرجل إذا ما تعرضنا للمجاعة والارتفاعات الفلكية في أسعار الغذاء، بعد بوار ملايين الأفدنة لعدم توافر المياه؟ وهل هناك ما يمنعه لاستخدام سلاح المياه لابتزازنا لصالح جهات أخرى على رأسها إسرائيل؟على الدبلوماسية المصرية أن تفهم بوضوح أن الرهان على توقيع اتفاق ملزم مع قادة إثيوبيا هو كالحرث في البحر، فهذا أمر لن يحدث أبدا، فالهدف من بناء سد بهذا الحجم وهذه السعة ـ التى للأسف وافقنا عليهما بدون حتى الحصول على أي ضمانات من إثيوبيا باحترامها لحقوقنا التاريخية في النيل ـ هو إحكام السيطرة على مصر، وإنهاء دورها الحضاري والريادي الذي مارسته منذ فجر التاريخ في الإقليم. ما نحتاجه الآن وفورا هو فتح حوار شعبي وسياسي واسع حول أخطار السد، والخيارات المتاحة أمامنا لمواجهتها، قبل أن يداهمنا الوقت ويصبح السد كالخنجر المسموم في ظهورنا وظهور كل أجيالنا القادمة.
وطننا الثاني
نتحول نحو الخرطوم بصحبة فاروق جويدة في “الأهرام”: حين تخلص الشعب السوداني من حكم البشير وبدأ فترة من الاستقرار في ظل حكومة عسكرية مدنية، كان ذلك يمثل إنجازا كبيرا وبداية عصر جديد.. واستطاع السودان أن يحقق نتائج كثيرة، وأن يحصل على دعم من جهات عربية وأجنبية، وخرج من اتهامات تلاحقه في قضايا الإرهاب.. ودخل السودان في مفاوضات ناجحة مع مؤسسات دولية، وحصل على مليارات الدولارات في صورة معونات، أو قروض وتقاسم السلطة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وعبد الله حمدوك.. إلى هنا كانت الأمور تسير بقدر من الحكمة ما بين المدنيين والعسكريين، خاصة أن المناخ السياسي في السودان يحمل تناقضات تاريخية.. كما كان عهد البشير اسوأ سنوات الحكم في السودان خاصة انه جاء في ظل صفقة مع الإخوان المسلمين.. ونجح البشير في أن يبقى في الحكم ثلاثين عاما في ظل زواج باطل بينه وبين الإخوان المسلمين.. الموقف الآن في السودان يشهد انقسامات كثيرة.. فما زال الصراع العسكري في مناطق مختلفة في دارفور وفي شرق البلاد، وما زال الانقسام بين العسكريين والمدنيين أمام إصرار من الجانبين على احتكار السلطة.. ولا أحد يعرف حدود المواجهة بعد سيطرة الجيش على مقاليد الحكم.. وفي ظل فشل الحوار وزيادة الانقسامات وخروج القوى المدنية إلى الشوارع، سوف يكون نزول الجيش إلى الشوارع وللأسف الشديد، أن ذلك يمثل خسارة كبيرة لتجربة سياسية وليدة كان من الممكن أن تكون مرحلة من التوافق.. يبدو أن قدر السودان أن يعيش في سلسلة من الصراعات والانقسامات بين قوى سياسية وعسكرية لا تدرك، بينما يواجه السودان تحديات ضخمة تهدد مستقبله، وفى مقدمتها أزمة سد النهضة ومعارك الحدود مع إثيوبيا، وفشل عملية السلام بين أشقاء الوطن الواحد.. كان الشعب السوداني يتصور أن نهاية حكم البشير سوف تكون بداية لعصر جديد من الاستقرار والحريات، ولكن يبدو أن هذا الحلم يواجه تحديات كثيرة.
قرار حكيم
وصف محمود عبد الراضي في “اليوم السابع” القرار الرئاسي بإلغاء حالة الطوارئ بأنه يدل على نشر الأمن في ربوع البلاد: لم يعد كلاما يتردد، وإنما واقع يتجسد على الأرض، تشعر به وأن تتحرك على مدار الـ 24 ساعة، في أي شبر من أرض مصر، تشعر بالأمن والأمان والطمأنينة، شعور لا تجده سوى في مصر، التي خصها المولى عز وجل بقوله: “ادخلوها بسلام آمنين”. إعلان الرئيس السيسي لأول مرة منذ سنوات، إلغاء مد حالة الطوارئ في جميع أنحاء الوطن، في هذا التوقيت العبقري، يعد بمثابة حدث تاريخي، من حق المصريين أن يفرحوا به، ويفخروا ببلادهم، ويمهد لمزيد من الإنجازات والمشروعات والاستثمارات. ونحن نعيش هذه اللحظات التاريخية، لم ينس الرئيس السيسي، الشهداء الأبرار، فكانت قيمة الوفاء حاضرة، بتأكيده على أنه لولاهم ما كنا نصل إلى الأمن والاستقرار، فتحية لأرواحهم الطاهرة النقية. تحية لروح “المنسي” ورفاقه، ولـ”مبروك” وزملائه، ولمصطفى الخطيب ومحمد جبر وعامر عبد المقصود، وضياء فتحي، وكل من سقط شهيدا وهو يدافع عن هذا الوطن، وقدم روحه من أجل أن نعيش في سلام وأمان، وننعم بهذه اللحظات التاريخية، فلن ننساهم، سيظل هؤلاء الأبطال باقين في ضمير ووجدان الوطن، حتى نلقاهم “في جنة ونهر، في مقعد صدق عند مليك مقتدر”. من حقنا أن نفخر بجهود قواتنا المسلحة الباسلة، وانتصارها على الإرهاب الأشر في حرب وجود خاضتها قواتنا المسلحة جنبا إلى جنب مع الشرطة المدنية. من حقنا أن نفخر، بجهاز الشرطة “عيون مصر الساهرة” الذي أعاد الأمن والأمان لربوع بلادنا، وحافظ على جبهتنا الداخلية، فساهم في تقليص عدد الجرائم الجنائية، وقضى على نحو 992 بؤرة إرهابية، حيث تراجعت الحوادث الإرهابية من 481 حادث عام 2014 إلى 22 عام 2017، وتلاشيها تماما عقب ذلك، واختفائها من المشهد في 2021. من حقنا، أن نحلم بحياة جديدة، في جمهوريتنا الجديدة، الآمنة المطمئنة، العامرة بالإنجاز والإعجاز، والتي تضمن لسكانها “حياة كريمة”.
فريسة الغلاء
سعى وليد عبد العزيز في “الأخبار” للبحث عن حبل إنقاذ للحكومة: قد يتصور البعض أن ارتفاع أسعار بعض السلع في مصر خلال الفترة الماضية يرجع إلى أهواء بعض التجار، أو بسبب الجشع والاستغلال فقط.. الحقيقة أن الغلاء وفي هذه الأوقات الصعبة يضرب العالم أجمع.. أسباب ارتفاع الأسعار ترجع في الأساس إلى توابع جائحة كورونا التي ضربت العالم أجمع، وتسببت في شلل الحركة الإنتاجية والتجارية في العديد من بلدان العالم لعدة شهور مضت.. ومع ظهور اللقاح الذي يحد من الإصابة بالفيروس اللعين، بدأ العالم يعيد حساباته من جديد وبدأت الأسواق العالمية تفتح أبوابها، واكتشف الجميع أن هناك نقصا في الإنتاج نتيجة توقف بعض المصانع الكبرى عن العمل خلال الجائحة، بالإضافة إلى زيادة الطلب على السلع والخامات، ما أدى إلى زيادة الأسعار العالمية وبطبيعة الحال انعكست الأوضاع على السوق المصري لأننا دولة تؤثر وتتأثر بمحيطها الخارجي.. ما أخشاه خلال الفترة المقبلة هو التضخم الذي سيضرب الأسواق نتيجة لانخفاض العرض والطلب، وهنا يجب أن تفكر الحكومة أو المجموعة الاقتصادية في حلول المشكلة وليس دراستها.. قد تكون الدولة المصرية تأثرت تاثيرا محدودا خلال الفترة الماضية بفضل خطة الإصلاح الاقتصادي، التي حمت الدولة من دوامة الندرة في السلع وخلافه، ولكن هذه المرحلة تحديدا تشهد بالفعل ارتفاعا كبيرا في أسعار الخامات والمعادن بجانب ارتفاع غير مسبوق في فاتورة الشحن، ما يؤثر بالسلب في الأسعار وبطبيعة الحال سيكون المستهلك هو المتضرر الأكبر، لأنه اللاعب الرئيسي في السوق في عملية الشراء والاستهلاك.. أحد أهم الحلول في هذه المرحلة هو ضخ الاستثمارات داخل السوق، سواء محلية أو أجنبية لأنها ستضمن إقامة مشروعات جديدة تضمن زيادة الإنتاجية والتشغيل وهنا نستطيع أن نواجه التضخم قبل أن نجد أنفسنا في مرحلة صعبة قد تلتهم جزءا كبيرا مما تحقق من إصلاحات اقتصادية.
غير آمنة
اقترب العام الثانى على نهايته كما أوضح محمد صلاح البدري في “الوطن”، وما زال ذلك الفيروس اللعين يواصل مهمته في تعطيل الحياة وتدمير الأنظمة الصحية في العالم كله.. لا علاج فعال لمواجهته حتى لحظة كتابة هذه السطور.. ولا قاعدة ثابتة واحدة يمكن الاستناد إليها في التعامل مع حالات الإصابة. الأمل الوحيد هو تلك اللقاحات التي خرجت للنور منذ أشهر قليلة، كل أنواع اللقاحات، دون استثناء، لم تخرج للنور أي ورقة علمية تفيد بعدم فاعلية لقاح أو تفضيل لقاح على الآخر بشكل دال إحصائيا.. كل علماء العالم يؤكدون أن أي لقاح سيفي بالغرض، وهو تقليل حدة الإصابة، وبالتالي رفع الضغط على الأنظمة الصحية، أكثر من ورقة علمية – خرجت للنور بالفعل – تناقش التنويع بين جرعات اللقاح للشخص الواحد. لم يعد اللقاح رفاهية في أي حال.. الأسئلة حول جدوى اللقاح أو مخاطره لم يعد لها مكان أو إجابة.. العالم كله تبنى مشروعا لتوزيع اللقاحات بأسرع وسيلة ممكنة.. منظمة الصحة العالمية أعلنت منذ فترة عن استهداف 40% من سكان كل دولة على الأقل قبل نهاية هذا العام.. على أن ترتفع النسبة إلى 7% في منتصف العام المقبل. في مصر تسير عملية التلقيح بشكل منتظم ولكنه روتيني للغاية.. روتيني للدرجة التي تجعل تحقيق أهداف منظمة الصحة العالمية ليس بالأمر اليسير.. بحسب تصريحات وزارة الصحة، فقد تم تلقيح نحو 12 مليون مواطن حتى الآن.. نصفهم فقط هم من تلقوا جرعتي اللقاح.. الرقم قليل للغاية مقارنة بحجم الدولة المصرية.. بل مقارنة بإمكانياتها وخبرتها في توزيع اللقاحات.
أين المشكلة؟
أكد محمد صلاح البدري، أنه لم تعد هناك مشكلة في توافر اللقاح.. فتصريح وزارى خرج على لسان وزيرة الصحة يفيد بإمكانية إنتاج خمسة عشر مليون جرعة شهريا من لقاح سينوفاك على أرض مصر.. وهو رقم إذا أضفناه للكميات الأخرى التي تصل إلينا عن طريق مبادرة كوفاكس، سنجد أنه كافٍ للغاية لتحقيق طفرة كبيرة في عدد المواطنين الملقحين، وفي زمن قياسى.. فأين المشكلة؟ ولماذا لا يتم تسريع الأمر؟ تبدو أولى وأهم المشاكل هي العجز في العنصر البشري في مراكز تلقي اللقاح نفسه.. لا يوجد عدد كافٍ من مقدمي الخدمة الطبية من أطباء أو صيادلة أو أطباء أسنان.. الأمر الذي يؤدي إلى زحام ملحوظ في تلك المراكز.. المشكلة يمكن حلها بالتنسيق مع منظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية، من خلال متطوعين يسهمون مباشرة في تنظيم المواطنين في أماكن الحصول على اللقاح، والقيام بالجزء الإداري الخاص بتسجيل البيانات.. كما يمكن الاستفادة منهم في عمليات التوعية الخاصة بأهمية اللقاحات وتعليمات ما بعد تلقيه.. الفكرة سبق تنفيذها في حملة القضاء على فيروس سي، التي تمت منذ سنوات قليلة.. وكان دور فرق التطوع التنظيمي فعالا للغاية.. فلماذا لا يتم تكرارها؟ المشكلة الأخرى تكمن في عدم وجود توزيع جغرافي متزن لمراكز تلقي اللقاح.. وتحديدا تلك المراكز التي تختص بتوزيع اللقاح بغرض السفر للخارج.. وهو أمر يمكن التغلب عليه بسهولة أيضا، إذا استفدنا من الخبرة المكتسبة لحملة القضاء على فيروس سي.. فقد استهدفت الحملة وجودا جغرافيا موزعا على جميع أنحاء الجمهورية، عبر مراحل ثلاث.. وحققت انتشارا كافيا وقتها كان قادرا على الوصول إلى جميع المواطنين.. فلماذا لم يتم الاعتماد على الخطة نفسها لتوزيع اللقاح؟لقد أصبح العالم في سباق عصيب مع موجات الإصابة ليسيطر عليها.. والدولة المصرية تمتلك الكثير من الأسلحة التي تحتاج لاستخدامها في هذا السباق المصيري.. الذي أعتقد أنه أهم سباق تخوضه البشرية في التاريخ الحديث.
«صورة مش حلوة»
حزنت أمينة خيري لدرجة البكاء حين أخبرها صديقان من بلاد بعيدة أنهما كانا يحلمان بزيارة مصر، لكن أخبار الحوادث المرورية القاتلة أجهضت حلمهما. قالا ما معناه إنهما «مش مستغنيان عن عمرهما». تابعت الكاتبة في “المصري اليوم”: أحزننى أكثر وأكثر أنني لم أستطع المجادلة أو أقوى على الدفاع والتبرير وإيجاد ثغرة تجعلهما يعودان إلى حلمهما. لقد أساءت حوادث المرور القاتلة والمدمرة أيما إساءة لسمعة مصر. وحين أخبرتني قريبة مصرية مهاجرة تزور مصر مرة كل عامين، أن نسبة المتسولين والمتسولات وعائلاتهم في الشوارع والميادين زادت بدرجة كبيرة، ولكنها أضافت ضاحكة أنه على ما يبدو أن جودة حياتهم تحسنت ومستوى معيشتهم ارتفع، لأن كلا منهم يحمل هاتفا محمولا، شعرت بأن هؤلاء ومن تركهم يتوسعون ويتوغلون دون مساعدة لمن يحتاج وردع لمن لا يحتاج أساءوا لسمعة مصر أيما إساءة. وحين اتصلت بي صديقة في مؤسسة إعلامية في بلاد بعيدة تطلب مني تلخيصا لنتائج تحقيقات «جرعات لقاح الترعة»، درت ولفيت، وطلعت كباري ونزلتها في محاولة لتمويه غياب المعلومات وتشتيت الانتباه بعيدا عن الحكاية، وبعدها انتابني شعور مقيت بأن ما جرى وما تبعه من انقطاع الإرسال المعلوماتي، أساء لسمعة مصر أيما إساءة.. وحين ترددت على شوارع مصر الجديدة الجانبية وبعض من الرئيسية وشاهدت القمامة في أرقاها شارع، والذباب رفيق المارة والرائحة سمة المكان، انتابني شعور بأن من ألقى بالقمامة في الشارع ومن ترك من يلقيها دون عقوبة، وقبلها تقويم ومعهما منظومة جمع قمامة مستدامة أساءوا لسمعة مصر أيما إساءة. وحين أعياني التفكير وأنهكني التدبير من أجل البحث عن حلول لما سبق، تذكرت ما قاله لي مسؤول في أحد مكاتب السجل المدني، حين اقترحت عليه الاستعانة بـ«أرقام ورقية» كتلك المستخدمة في محال البقالة لتنظيم الطوابير بدلا من «السويقة» الموجودة في السجل رغم أنف كورونا، ناهيك من الارتكان إلى القوة العضلية والزق والتدافع للوصول إلى الشباك، تذكرت ما قاله لي باستخفاف واستهانة وعصبية من أنني «جبت التايهة» وما مفاده أنه ليس في الإمكان أفضل مما هو عليه، قررت العودة إلى الجذور وإعادة تعريف المقصود بعبارة “الإساءة لسمعة مصر”.
حجة واهية
ردا على الاتهام الذي أطلقه شريف منير ويسرا وآخرين حول فيلم “ريش” باعتباره مسيئا لمصر، قال الدكتور محمد محمد أبوالغار في “المصري اليوم”: لا أعتقد أنه يمكن أن يكون هناك فيلم مسيء إلى مصر، وإنما يكون الفيلم مسيئا إلى مخرجه أساسا وممثليه أحيانا لأن مصر الوطن أكبر من أن يسيء إليها فيلم أو أغنية. وبالنسبة للزعم بأن الفيلم صوّر مناظر الفقر، استنكر أبوالغار تلك الادعاءات قائلا: هذا أمر غريب لأن مظاهر الفقر صُورت في أعظم أفلام السينما الإيطالية في الأربعينيات، وكل أفلام الدنيا، وفيها الأمريكية، تصور حال الفقراء، ولا أحد ينكر أن مصر فيها 23% تحت خط الفقر، ونسبة منهم تحت خط الفقر المدقع. وحاول البعض تحويل عمل فني إنساني إلى قضية سياسية، وهو أمر استهجنه الجميع. النهاية أن ذلك أدى إلى معرفة الشعب بأجمعه باسم الفيلم واسم المخرج الشاب، وكذلك «الست دميانة»، بطلة الفيلم. وفي النهاية فاز الفيلم بجائزة أحسن فيلم مصري، ونحن في انتظار عرضه تجاريا حتى يتسنى للمصريين جميعا مشاهدته. مهرجانات السينما في العالم كله هي فرصة ذهبية للتعرف على الاتجاهات الجديدة في السينما، وانتشار الثقافة السينمائية، وهناك جانب تجاري، فالمنتجون يسوقون لأفلامهم. المهرجانات الكبرى في العالم تُقام في أماكن صغيرة وليس في العواصم الكبيرة، مكان مثل الجونة مثالي لأن الجميع يذهبون إلى السينما سيرا على الأقدام أو بالـ«توك توك» ويستطيعون مشاهدة عدة أفلام في يوم واحد.
حجر في أفواههم
فوز فيلم «ريش» بجائزة أفضل فيلم عربى في مهرجان الجونة، من وجهة نظر طلعت إسماعيل في “الشروق” ألقم من اتهموه بالإساءة إلى سمعة مصر، حجرا، لكن المؤكد أن الجدل الذي أثاره لن ينتهي، باعتباره تعبيرا عن وجهتي نظر في الفن والسياسة، واحدة ترى الحياة وردية، وما على الفن سوى نقلها إلى الشاشة، وأخرى واقعية ترى مناطق الخلل والضعف في المجتمع، وتحاول التعبير عنها بكل الوسائل المتاحة، دون الإخلال بالمعايير الفنية والجمالية. الاختلاف على دور الفن، والسينما في القلب منه، والتباين بين من يركز على ما هو جمالي وترفيهي، بدعوى مساعدة الناس على تحمل الواقع بضغوطه الهائلة، ومن يسلط الضوء على تفاصيل الحياة اليومية لواقع آخر أشد قسوة، مسرحه عالم المهمشين والفقراء، ليس وليد اليوم، كما أن ساحته لا تقتصر على السينما المصرية وحدها. البعض يريد حصر ما يعرض على الشاشة في قصص ملونة بستائر وردية ومخادع مخملية، والبعض الآخر يريد فتح الحجرات الخلفية التي لا ترى الشمس، وتعاني من الرطوبة، وتسكنها وجوه تغضنت بفعل غائلة الأيام، وجور بني الإنسان، والهدف الرئيس تغيير الواقع إلى الأفضل وعدم الاستسلام لصورة غير حقيقية، وهذا جوهر الخلاف القديم والمتجدد الذي كان طرفاه من خرجوا من قاعة عرض «ريش» في الجونة، ومن دافعوا عن الفيلم وصناعه باعتباره تجسيدا لرؤية فنية يجب احترامها. ربما يكون الطعن من «أبناء الكار» والاتهام بالإساءة إلى سمعة مصر أشد إيلاما لصناع فيلم “ريش” الذين وجدوا أنفسهم في مقام الدفاع بدلا من الترحيب وتلقي التهاني على الفوز بجائزة مهمة من مهرجان «كان» السينمائي الدولي، غير أن المهم في ما جرى مع الفيلم، وهجوم قلة من الممثلين عليه أفاده دعائيا، الصراع بين وجهتي نظر، واحدة «تجميلية» والأخرى «واقعية» ما كان لها أن تجور على الحق في الاختلاف، فالمعركة يجب أن تدور في الأساس حول حرية الرأي.
لا يليق بنا
مخز جدا كما أوضحت عبلة الرويني في “الأخبار” التراشق والجدل الدائر حول فيلم «ريش» للمخرج الشاب عمر الزهيري، الذي عرض قبل أيام في مهرجان الجونة السينمائي.. لا هو حوار، ولا هو نقاش فني ولا موضوعي حول الفيلم، رغم أن الضجيج المثار، من الفنانين الذين شاهدوا الفيلم في مهرجان الجونة.. (لم يعرض الفيلم بعد أمام الجمهور، في دور العرض السينمائي). بداية أطلق الفنان شريف منير صيحته المؤذية (بالإساءة لسمعة مصر) بدعوى أن الفيلم غارق في القبح والكأبة، يقدم صورة لم تعد موجودة للفقر والعشوائيات، في زمن الجمهورية الجديدة، مطالبا الجهات الرسمية بمشاهدة الفيلم واتخاذ اللازم بالطبع. وتقدم بعض المحامين (سماعي) ببلاغات ضد الفيلم.. وتقدم أحد نواب البرلمان بطلب إحاطة حول الفيلم تصاعد الجدل والتراشق والاتهامات، أمر مؤسف ويسيء للفن والفنانين بالأساس. انتقاد الفيلم على قائمة التمويل والتخوين والعمالة، وحتى التشكيك في منح الفيلم (جائزة كان) هي اتهامات شبيهة بتهمة الإساءة لسمعة مصر وهي أقرب لتقديم البلاغات، وجرجرة الفن للمحاكم.. في المقابل سبق أن كرمت الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة الفيلم، بعد حصوله على الجائزة الكبرى لأسبوع النقاد في مهرجان كان السينمائي قبل أسابيع. الاتهامات ضد الفيلم مخزية، والدفاع عنه مخز أيضا.. فلم يسلم من الهجوم والسباب، كل من أزعجه الفيلم وانتقده لأسباب فنية.. علق سميح ساويرس (صاحب الجونة)على منتقدي الفيلم بأن (..تعوي..والقافلة تسير) وتحدث البعض عن النفاق السياسي لدى بعض الفنانين، وعن غيرة بعض الفنانين من سحب البساط من تحت أقدامهم، من خلال فيلم أبطاله مواطنون عاديون، من قرية فقيرة في المنيا التراشق والاتهامات، والحوار البعيد تماما عن الفيلم ولغته السينمائية.. عكس حجم التردي وغياب الوعي لدى الفنانين أنفسهم.
شكراُ للحاقدين
أخيرا والكلام لمحمود زاهر في “الوفد”، هدأت عاصفة الجدل التي أثارها فيلم «ريش»، المتهم بـ«الإساءة لسُمعة مصر»، من جانب بعض الفنانين والبرلمانيين والإعلاميين، اعتراضا على محتوى الفيلم، بعد عرضه مؤخرا في مهرجان الجونة، وفوزه بعدة جوائز. ربما لم نكن لنسمع عن الفيلم وصُنَّاعه، إلا بعد فوزه «عالميا» بالجائزة الكبرى للنقاد في مهرجان كان السينمائي الدولي، لينال ما يستحق من تكريم، احتفاء بالإنجاز المصري.. لكن «أجنحة الصقور» كانت متربصة للانقضاض عليه «محليّا» الملاحظ أن النقاش الذي كان من المفترض أن يكون فنيّا بحتا حول الفيلم، تحول إلى جدل مُسَيَّس، وتبادل للاتهامات، عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل، التي أصبحت منبرا لمنح صكوك الوطنية، وإبراز موهبة النقد الفني لدى الجميع، ورغم أن «ريش» هو أول فيلم مصري يحصل على تلك الجائزة الدولية المرموقة، كعمل فني ذي قيمة، إلا أنه أثار حفيظة البعض بحجة أنه يسيء لسُمعة مصر، وأن الأجدر بالسينما، تسليط الضوء على الإنجازات والنجاحات والإيجابيات فقط. عالم السينما والفن عموما، هو مرآة الواقع، وغير مرتبط بإطار مكاني أو زماني أو شخوص بعينهم، ولذلك لا نستطيع الحُكم على الفيلم إلا بعد المشاهدة، لأنه غير جماهيري، ويختلف كثيرا عن نوعية الأفلام التي اعتادها المشاهدون، كما أنه يحمل رسالة خيالية، وليس واقعيا أساسا.. بالطبع إذا نظرنا لقصة تحول بطله إلى دجاجة. لا يوجد عمل فني يمكنه النَّيْل أو الإساءة لمصر، بتاريخها وقيمتها، لأن تناول شخصيات فقيرة أمر يحدث في كل سينمات العالم، ولذلك يجب أن تكون حرية الإبداع مكفولة، والانحياز لحرية الإبداع والفن. أخيرا.. الغالبية العظمى لم تشاهد الفيلم حتى يُمكنها الحكم عليه، رفضا واعتراضا، كما أن أسلوب المنع لم يعد يجدي نفعا، ولم يصمد أمام مشاهدة أفلام عالمية ممنوعة من العرض مثل « الخروج.. آلهة وملوك» للمخرج البريطاني ريدلي سكوت، والفيلم الأمريكي المثير للجدل «نوح»، في ظل عالم افتراضي نعيشه.. فالممنوع مرغوب، و«الإعلام البديل» متوفر ومتاح للجميع.
حقهم علينا
اهتم علاء عريبي في “الوفد” بالمشاكل التي يواجهها أطفال البدون أو الأطفال الذين لم تستخرج لهم شهادة ميلاد، من المشاكل المعقدة، وتحتاج إلى تدخل الدولة بثقلها للحد منها والقضاء عليها، التدخل الفردي لن يحل المشكلة، هناك العشرات من الحالات، وتعود إلى الزواج العرفي، الأم تنجب والأب يتهرب من استخراج شهادة ميلاد للطفل، ويعيش الطفل في كنف والدته لسنوات بدون أوراق رسمية. رسالة استغاثة وصلت الكاتب منذ فترة بعيدة من فتاة تزوجت عرفيا من أحد الشباب وأنجبت منه، طالبته باستخراج شهادة ميلاد، تهرب بحجج واهية، الفتاة تمتلك شهادة الزواج العرفي، لكنها لا تمتلك الأموال التي تمكنها من إقامة دعوى إثبات نسب ضد الشاب أمام محكمة الأسرة، الطفل أصبح عمره اليوم ست سنوات، وما زال بدون شهادة ميلاد، كيف تستخرج شهادة ميلاد له، كما أنه لم يلتحق بمدرسة، وطالبتنا الفتاة بمساعدتها في استخراج شهادة ميلاد للطفل، وأحلنا المشكلة لمجلس الأمومة والطفولة لمساعدة الأم في إقامة دعوى قضائية أمام محكمة الأسرة لعدم امتلاك الأم مصروفات القضية ولا المحاماة، ونعتقد أن مجلس الأمومة لم يتحرك، ولم يبحث عن الأم، وتساءلنا يومها عن سبب إقامة دعوى أمام محكمة الأسرة طالما الأم تمتلك عقدا عرفيّا، الذي نعرفه أن عقد الزواج العرفى أصبح من العقود المعتد بها لإثبات العلاقة الزوجية وكذلك نسب الأطفال، لكن ما لا نعرفه هو: لماذا تلجأ الزوجة إلى محكمة الأسرة في حالة وجود نسخة أو صورة من العرفي؟ لماذا لا يكتفى في حالة الخصومة بقرار النيابة؟ لماذا نشغل المحاكم طالما هناك عقد موقع من زوج وشهود؟ وماذا عن الفتاة التي لا تمتلك مصروفات التقاضي؟ هل سيظل ابنها بدون نسب بسبب فقر والدته؟ على الحكومة فتح هذا الملف، وعليها إجراء إحصائيات بعدد الحالات وظروف كل حالة، هل هي حالات فردية محدودة يمكن حلها بسهولة وإنقاذ الأطفال من التشرد؟ أم أن هناك العشرات والمئات من الحالات، ما هو عددهم؟ يجب بحث الحالات والقبض على الآباء المتهربين من تسجيل أولادهم، وإجراء تحليل دى أن أيه، واستخراج شهادات ميلاد للأطفال الذين تثبت صحة نسبهم.