أصبح "ميتافيرس" (The metaverse) -كلمة تعني العالم الافتراضي- مفهوما جديدا تماما، فمنذ أعوام كان بالإمكان ارتداء أجهزة الواقع الافتراضي والجلوس أمام الكمبيوتر من أجل الإبحار والتنقل عبر العوالم الافتراضية، لكن "ميتافيرس" يقدّم خدمات جديدة تجعل منه أكثر من مجرد عالم ترفيهي، بل صناعة متكاملة قد تغيّر عالم العملات الرقمية.
في تقرير نشره موقع "إنفيستور بليس" (Investorplace) الأميركي، يقول الكاتب بريندن ريريك إنه في ظل التنافس بين عمالقة التكنولوجيا للسيطرة على صناعة العملات الافتراضية، يُنظر إلى عملات "ميتافيرس" على أنها خطوة رائدة تفتح آفاقا واسعة أمام هذه الصناعة.
في "ميتافيرس" يمكنك أن تذهب إلى أي مكان وتفعل أي شيء تريده، ويسعى القائمون على هذا العالم الافتراضي إلى سد الفجوة بين الإنترنت والبعد الثالث، ليبدو كل شيء واقعيا. وضمن هذه الجهود، تسعى ميتافيرس -فيسبوك سابقا- إلى تعزيز حضورها في أكثر المجالات الرقمية ازدهارا، عالم العملات المشفرة.
وبينما يتطلع كثيرون إلى القيمة التي يُمكن أن تضيفها الشركة العملاقة إلى هذه الصناعة، ينظر آخرون بكثير من الريبة إلى هذه الخطوة، وتأثيرها على هذا العالم الذي يتسم بكثير من الحرية، وقد يصبح مقيّدا بقواعد وخوارزميات الشركة.
ويتيح "ميتافيرس" التداول بعملات رقمية لامركزية وممارسة مختلف أنشطة التجارة الإلكترونية، وفي كثير من الأحيان يمكن تحويل ذلك إلى مكاسب واقعية. وفي ما يأتي 3 أنواع من عملات ميتافيرس التي تعدّ من أكثر العملات المشفرة تطورا.
تقدم شبكة "ديسنترالاند" (Decentraland) -تعرف اختصارا بـ"مانا"(MANA)- واحدة من أكثر المنصات الافتراضية تطورا لأولئك الذين يرغبون في دمج "البلوك تشين" (blockchain) مع التواصل الاجتماعي الرقمي.
تغذي عملة "مانا" اقتصادا افتراضيا ذا طابع اجتماعي، حيث ينشئ المستخدمون صورة رمزية ويتمتعون بحق القيام بمجموعة أنشطة افتراضية، مثل ممارسة ألعاب الفيديو أو زيارة المقاهي الافتراضية أو الدردشة.
وفي الأيام الأخيرة، بدأت الشبكة استضافة مهرجانات موسيقية افتراضية كبيرة، بدءا بمهرجان "ميتافيرس". وقد شهد الحدث الموسيقي الذي استمر بضعة أيام أداء حقيقيا قدّمه عدد من الموسيقيين.
وتقدم شبكة "ديسنترالاند" لمستخدميها فرصة شراء وبيع الأراضي الافتراضية في "ميتافيرس"، كما يمكن عرض سلع غير قابلة للاستبدال مقابل عملة "مانا".
أُطلقت هذه الشبكة عام 2015، وقد تحوّلت إلى منصة ثلاثية الأبعاد عام 2017، وتطورت تدريجيا من الناحية التقنية والمالية. وفي الأيام الأخيرة، اشترت دار "سوذبيز" للمزادات قطعة أرض افتراضية على "ديسنترالاند" وأعادت إنشاء مقرها الرئيسي في "ميتافيرس".
على غرار "ديسنترالاند"، تعد شبكة "ساندبوكس" (Sandbox) -تعرف اختصارا بـ"ساند" (SAND)- عالما افتراضيا يمكن للمستخدمين من خلاله إنشاء الألعاب وبيع السلع والتواصل والترفيه.
يستطيع مستخدمو "ساندبوكس" شراء الأراضي وتطويرها، ويمكن من خلال هذه الأنشطة الافتراضية توليد دخل حقيقي باستخدام عملة "ساند".
تُظهر خريطة "ساندبوكس" -وهي رسم بياني بنظام إحداثيات ديكارتي- أكبر ملاك الأراضي الافتراضية. ومن أكبر شركاء الشبكة مطور ألعاب الفيديو "أتاري"، وأسماء موسيقية كبيرة مثل "سنوب دوغ" (Snoop Dogg)، و"ديد ماوس" (Deadmau5).
حاليا، تبلغ القيمة السوقية لعملة "مانا" من شبكة "ديسنترالاند" 4.5 مليارات دولار، مقابل 2.4 مليار دولار لعملة "ساند"، لكن تسارع وتيرة الاستثمارات، وبينها استثمار من شركة "سوفت بنك"(SoftBank) اليابانية القابضة بمبلغ 93 مليون دولار، قد يمهد الطريق أمام "ساندبوكس لتجاوز "ديسنترالاند" كأكبر شبكة في "ميتافيرس".
يقول الكاتب إن عملة "إنجين" (Enjin) هي الأكثر تنوعا بين عملات "ميتافيرس" الثلاث، فهي تمزج بين ألعاب تقنية "البلوك تشين" وعالم "الميتافيرس" في منتج هجين وفريد.
وتختلف شبكة "إنجين" عن "ديسنترالاند" و"ساندبوكس"، إذ لا توجد قطع أرض للبيع، ولا يمكنك التجول داخلها افتراضيا.
في المقابل، تقدم "إنجين" مجموعة متنوعة من الألعاب، وتقوم على تكوين مجموعات من الرموز غير القابلة للاستبدال واستخدامها للتغلب على لاعبين آخرين.
ازدادت شعبية شبكة إنجين في الفترة الماضية، ويعود ذلك أساسا إلى صندوق "إفينيتي" (Efinity)، وهي منصة لإنشاء الرموز غير القابلة للاستبدال مرتبطة بشبكة "إنجين" الرئيسة.
ومن خلال استثمارها الجديد بقيمة 100 مليون دولار في "إفينيتي"، تأمل المنصة تعزيز حضورها في عالم العملات الرقمية.
وتماشيا مع أيديولوجية رواد البلوك تشين، تعتقد "إنجين" أن مستقبل "ميتافيرس" لامركزي، لكن ذلك يتناقض تناقضا صارخا مع سياسات فيسبوك، حسب تعبير الكاتب.
وبفضل عروضها المغرية ورأس مالها الكبير وقاعدة مستخدميها العريضة، تقدم إنجين منتجا استثنائيا في عالم ميتافيرس.