يُعرِّف العلماء الجوع بأنه رغبة مُلحة في الطعام، يحفزها هرمون الغريلين الذي يفرزه المخ بتوجيه من الجهاز الهضمي. وهذا هو "الجوع الجسدي" أو الجوع الفطري الحقيقي، الذي يدفع الجسم لتناول الطعام لإنتاج الطاقة من أجل البقاء.
ويحدث عندما تشعر أن معدتك فارغة، وتداهمك آلام الجوع، وقد تعاني من انخفاض السكر في الدم وتشعر بالضعف أو عدم التركيز أو التعب، ولا يمكنك التخلص من كل هذا إلا عن طريق الأكل.
لكن بعض الناس يتناولون الطعام دون أن يكونوا جائعين. وهذا هو "الجوع النفسي" الذي يرتبط بالرغبة الشديدة أو الشعور بالملل، تقول عالمة النفس سوزان ألبرز إن "الملل يسبب نوعا عاطفيا من الجوع، حيث نكون ممتلئين ونبحث عن شيء يسلينا، ربما بسبب طاقة منخفضة أو ذهن متشتت".
ووفقا للدراسات فإن ذلك يعد نوعا خطرا من اضطرابات الأكل، يُسمى "الأكل العاطفي"، حيث تُصبح الضغوط النفسية والمشاعر السلبية الأخرى دافعا للإفراط في تناول الطعام، مما يتسبب في السمنة والأمراض المرتبطة بها.
من أكثر العوامل المُسببة للجوع النفسي، بحسب موقع "هيلث لاين" (Healthline.com):
أكثر العوامل التي تسبب الجوع النفسي، وفقا للدراسات، فالأشخاص الذين يعانون من التوتر واضطراب النوم وسهولة شراء الأطعمة السريعة، هم أكثر عرضة للإفراط في الأكل العاطفي بدافع الملل.
يؤدي الإجهاد النفسي المزمن إلى تغيير هرمونات الجوع بفعل هرمون الكورتيزول، وتعزيز الرغبة في تناول الطعام، وفق ما أظهرته دراسة أجريت في عام 2019. وبحسب دراسة أخرى فقد تدفع هذه التغيرات الهرمونية الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن إلى الإفراط في تناول الطعام تحت الضغط، مما يسبب السمنة.
للنوم تأثير قوي على عاداتك الغذائية، فبعض الدراسات تشير إلى أن من لا يحصلون على قسط كاف من النوم يتناولون وجبات خفيفة وسعرات حرارية أكثر، ويزيدون من احتمالية اكتسابهم للوزن.
تُصمم الأطعمة عالية المعالجة، مثل رقائق البطاطس والحلوى والوجبات السريعة شديدة النضج، بحيث تكون لذيذة وتكافئ عقلك على الفور، بصرف النظر عن شعورك بجوع حقيقي.
فعندما يحاول بعض الأشخاص إنقاص الوزن بتخطي بعض الوجبات، فإن ذلك غالبا ما يأتي بنتائج عكسية، حيث قد يؤدي الانتظار طويلا بين الوجبات إلى الإفراط في تناول الطعام.
الجوع النفسي يمكن أن يكون عادة منذ الطفولة لدى للأطفال الذين يكافئهم أهلهم بالطعام اللذيذ. كذلك في المناسبات الاجتماعية، عندما نرى الناس يأكلون أو يشربون، فمن المرجح أن نجاريهم، ولو لم نكن جوعى.
تشير الأبحاث إلى أن الإعلانات التي تبث لأناس سعداء يتناولون الطعام بتلذذ، قد تشكل حافزا للجوع النفسي.
أن نأكل أحيانا عندما لا نكون جائعين، فهذا أمر طبيعي ولا يدعو للقلق، ما دام يحدث بشكل غير منتظم. لكن تكراره بشكل روتيني يحوّله إلى جوع نفسي قد يؤدي إلى زيادة الوزن ومشكلات صحية أخرى، لذا ينصح الخبراء على الموقع المذكور بالآتي:
في حين أنه لا حرج في طلب نفسك أحيانا الأطعمة السكرية أوعالية المعالجة أوالسعرات الحرارية، إلا أن إبعادها عن مطبخك وثلاجتك يساعد في التغلب على الجوع النفسي عندما تشعر بالملل.
إذا كنت تتناول الطعام أمام التلفاز أو الحاسوب أو الهاتف الذكي، فمن المحتمل أنك تولي اهتماما أكبر لما يحدث على الشاشة بدلا من الطعام الذي تضعه في فمك، فلا تشعر بأن معدتك ممتلئة.
عن طريق تناول الطعام ببطء وتذوقه بوعي، لتمنح عقلك الوقت الكافي للشعور بالشبع.
حاول التخطيط لأنشطة يومك وحدد وقتا لوجباتك، فمن الممكن أن يسهم هذا في حمايتك من الملل.
احتفظ بقائمة بالأعمال المنزلية التي تحتاج لإنجازها، أو القراءة، أوالتريض عندما تشعر بالملل.
إذا كنت ترغب في تناول الطعام دون شعور بالجوع، فحاول أن تشغل نفسك 30 دقيقة للتخلص من هذه الرغبة، لأن أحاسيس الجوع الجسدي تبدأ بعد هذه المدة.
من المهم ملاحظة أن بعض الأشخاص قد يحتاجون إلى العمل مع معالج أو اختصاصي تغذية للتحكم في الأكل العاطفي، الذي قد يشير انتظامه إلى مشكلة كبرى.
السيناريو المعاكس بمعنى الشعور بالجوع الجسدي مع عدم التمكن من تناول الطعام. كمن يستبد به جوع حقيقي وهو في اجتماع عمل طويل التهم وقت استراحة الغداء مثلا، فيفرط في تناول الطعام عندما تتاح له فرصة لتناوله، مما يسبب له زيادة الوزن، خاصة إذا حدث ذلك بانتظام.
لذا يُنصح بالاستعداد المُسبق بتحضير وجبة كافية لمثل هذه الظروف، ولكن بمجرد أن تتمكن من تناول الطعام، فافعل ذلك ببطء، وتوقف عندما تشعر بالشبع لتجنب الإفراط في الأكل.
واهتم بشرب المياه، فالجفاف والعطش يبعثان رسائل خاطئة بالشعور بالجوع، كما يمكن أن تجرب مضغ العلكة كحل مؤقت للتخفيف من الجوع.