افتتحت الدورة الثانية عشرة من مهرجان موازين موسيقى العالم بالرباط وتمتد من 24 ماي حتى فاتح يونيو 2013. يستضيف المهرجان هذا السنة أسماء وازنة كشيرين ومحمد منير ووليد توفيق والشاب مامي ونجوى كرم وأحلام وإنريكي إغلاسياس ودافيد غيتا وريحانا وجيسي جي…
ما أثار الجدل على الفايسبوك هما ريحانا التي جلبت 150000 متفرج. ووجيسي جي التي صعدت إلى المنصة بالكيلوط. وبما أن القناة الثانية نقلت الحفل فقد مكن الشعب كله من أن يتفرج مما أبطل وضوء البعض وسبب الأرق للكثيرين. والدليل على ذلك أن الليلة كانت الأطول في الفايسبوك بالمغرب.
بداية عبر المعلقون بدهشة تحت وقع الصدمة. هل يعقل هذا؟ مغنية صلعاء على منصة في عاصمة المملكة المغربية الإسلامية عارية؟
بعد ذلك تراجعت الدهشة وتزايدت مواقف التنديد على الشبكة العنكبوتية. وقد لعن إخوان الفايسبوك المشاهد المخلة بالحياء لأنها تزعزع العقيدة وتم التأكيد على أن المغرب بلد إسلامي كما ينص عليه الدستور. ومهرجان موازين تبذير لأموال دافعي الضرائب والكيلوط إهانة للوطن ولابد من الغيرة على الشرف والأخلاق. تمّ نقد مظاهر البعد عن الدين والتنديد بصور ستزعزع عقيدة مسلم محروم وتطور الأمر لنصيحة بمنع نقل مباريات التنس النسوي بالتلفزة لكي لا تثير غرائر الشعب. صاح قيادي سلفي: إخواننا يذبحون في بلاد الشام و السفهاء ينشرون الفاحشة… فرح أحد المعلقين للحملة ضد “موازين” في الفايسبوك. ثم ذهب لحفل ريحانا ورأى الجماهير الكثيفة فاستغرب واستنتج “يقولون ما لا يفعلون” ودعا “اللهم لا تأخذنا بما فعل السفهاء منا”. بداية فُهم أن السفهاء هم الذين نظموا المهرجان. ثم اتضح أن المقصود بالسفهاء هم عشرات الآلاف الذين شاهدوا… ثم جاءت الأماني والرغبات: لو توجه 150000 متفرج للقدس لحرروها… كانت النصائح بمنطق استعلائي مستفز يعطي الدروس للآخرين…
بعد ساعتين من التعليق المتناغمة ظهر صوت جديد مختلف. وسأحاول عرض المواقف التي تجيب عما سبق. قال أحدهم ان قساوة الهجوم على الكيلوط والغضب والغيرة على الدين لا تعكس النفور بل تعكس حجم الرغبة. فالذين يلعنون جيسي يشاهدونها ويلعنونها وقلوبهم مشتعلة وأكيد لم يناموا بعد الحفل.. وهذا دليل أن المغرب بلد مكبوت كما ينص عليه الشارع لا الدستور. ثم إن عقيدة يزعزعها كيلوط ليست عقيدة بل عقدة. أما عن ميزانية المهرجان ف 150000 متفرج الذي ذهبوا لمشاهدة ريحانا يدفعون الضرائب أيضا وهكذا بطل الاعتراض. قيل للسلفي: إخوانك في سوريا لديهم مراهقات تونسيات يتبرعن لهم بجهاد النكاح…
هكذا دار الجدال بين تيارين متباعدين يعيشان في وطن واحد. تيار يشرّق مع الحجاب والنقاب والآخر يغرّب مع الكيلوط. وهذا يذكر بمسرحية “المغنية الصلعاء” لأوجين أونيسكو عن زوجين عاشا طويلا تحت سقف واحد ولكن لا يفهمان بعضهما.
هذا نفسه ما يجري في مغرب اليوم. لذا تم الركيز على السخرية من السيكزوفرينية التي يتعايش معها الناس بسهولة. وأعتقد أن منظمي مهرجان موازين يعملون هذه السنة في ظروف أفضل لأن الإقبال الجماهيري على المهرجان حجة ضد معارضيه.
يقترح شبان وقفة احتجاجية ضد المهرجان. لن يجمعوا واحد في المائة من عدد الذين حجوا للتبرك بصورة المغنية الصلعاء. فهل يتعظون ويدركوا أن الشعب المغربي يرقص أولا وبعد ذلك يلعن الشيطان الرجيم؟
ثم عندما يفوز محمد الريفي في إيكس فاكتور يعاود الشعب الرقص. ثم تأتي الرسالة الملكية العلنية لتهنئ الريفي بفوزه.
تعبيرا عن هذه الأجواء كتب معلق على حفل ريحانا: كان حفلا رائعا ودليلا على انفتاح المغرب على كل الحضارات. لا خوف على المغرب يا رفاق. لا خوف على المغرب يا رفاق.