في أماكن الكوارث الطبيعية عادة ما يكون هناك العديد من الأمور التي تحتاج للتوفير بالسرعة القصوى. حيث من الضروري توفير الغذاء والماء والرعاية الصحية بطبيعة الحال، وكذلك الأمر للاتصالات. حيث أن توفير الاتصالات أمر أساسي بحد ذاته، كما أنه مفيد بشدة لتسهيل جهود إيصال الأمور الأساسية الأخرى. وبالنظر إلى كون الكوارث الطبيعية عادة ما تتسبب بتوقف واسع للاتصالات، فقد بدأت العديد من عمالقة المجال بالعمل على حلول.
واحدة من أحدث التقنيات المقدمة في المجال هي ما كشفت عنه شبكة الاتصالات الأمريكية Verizon. حيث كشفت عملاقة الاتصالات عن شاحنة تحمل اسم THOR اختصاراً لاسمها الكامل: Tactical Humanitarian Operations Response vehicle والذي يعني بالعربية: مركبة الاستجابة التكتيكية للعمليات الإنسانية. وكما يوحي الاسم تمتلك المركبة وجهة أساسية: أماكن الكوارث والاستخدام في حالات الطوارئ.
المركبة هي إصدار مخصص ومعدل من شاحنة Ford F650 الكبيرة. وقد حصلت على العديد من الجوائز بفضل متانتها وكفاءتها ضمن فئتها الحجمية. وقد تم تعديل المركبة لتصبح مناسبة لدورها كمحطة اتصالات ومركز عمليات متنقل وقابل للاستجابة السريعة.
تتسع الشاحنة لستة ركاب ويتكون الجزء الخلفي منها من مركز عمليات محمول يتضمن خوادم وتقنيات حوسبة الحافة. وأعلى الشاحنة هناك طبق إرسال واستقبال للأقمار الصناعية التي تدور في المدار المتزامن مع الأرض. وهناك هوائيات كبيران للغاية قابلان للرفع عند الحاجة من الجزء الخلفي من الشاحنة. وأخيراً هناك مجموعة من الطائرات المسيرة (درونز) المعدة لتوزيع الإنترنت.
حالياً لا تزال المركبة نموذجاً أولياً للتقنيات التي تنوي شبكة Verizon استخدامها في حالات الاستجابة للكوارث الطبيعية. مما يعني أن ما نراه لا يزال تقنيات مستقبلية ستصبح مستخدمة أكثر بمرور الوقت لكنها لا تزال غير متاحة حقاً في الوقت الحالي.
في حالات الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والفيضانات والأعاصير وسواها، من المعتاد أن تكون البنية التحتية للاتصالات من أكبر المتضررين. وبالتالي يجد الكثير من الضحايا أنفسهم في حالة لا تسمح بالتواصل مع خدمات الطوارئ والحصول على المساعدة. كما أن توقف الاتصالات هو مشكلة كبرى بالنسبة لفرق الاستجابة السريعة أيضاً، والتي تحتاج للاتصالات للتنسيق معاً بشكل أفضل.
لهذه الغاية بدأت العديد من شركات الاتصالات بالاستفادة من التقنيات الحديثة مثل اتصالات الأقمار الصناعية والطائرات المسيرة. حيث يمكن لهذه التقنيات أن تكون أساسية في تزويد الضحايا بالاتصالات والإنترنت في أماكن الكوارث الطبيعية الكبرى. وقد شاهدنا في الماضي الطائرات المسيرة التي تنشر الإنترنت من شبكة AT&T الأمريكية للاتصالات. ومن حيث المبدأ تعد المركبة الجديدة مزاودة من شبكة Verizon من حيث الجاهزية.
من حيث المبدأ يمكن أن تستخدم هذه النوع من المركبات في العديد من الحالات الخاصة بالإضافة للطوارئ. فهي قادرة على إيصال الاتصالات والإنترنت إلى الأماكن النائية التي لا تمتلك هذه الخدمات. وبالتالي من الممكن أن تكون مفيدة للعمليات العسكرية مثلاً أو للبعثات الاستكشافية وللغايات العلمية أيضاً. لكن وفي الوقت الحالي على الأقل يبدو أن المركبة موجهة لأعمال الإغاثة بالدرجة الأولى.
تمتلك شاحنات THOR القدرة على التخزين المحلي للبيانات ضمن خادم متنقل محمول ضمنها. وبالتالي من الممكن أن تلعب دور مركز تنسيق وتواصل سريع لفرق الإنقاذ التي تعمل على الوصول إلى الناجين ومساعدتهم. كما أنها توفر بنية تحتية لحوسبة الحافة (Edge Computing).
بالإضافة لما سبق توفر الشاحنة اتصالاً مباشراً مع الأقمار الصناعية. ونتيجة كونها قادرة على الاتصال مع الأقمار في المدار المتزامن مع الأرض فهي قادرة على توفير اتصال عالي السرعة وشديد الاستقرار على عكس الاتصال بالأقمار في المدار القريب من الأرض. كما يعني الأمر القدرة على نقل الاتصالات بالاعتماد على الأقمار الصناعية عند الحاجة.
في الجزء الخلفي من الشاحنة هناك هوائيان كبيران كما ذكرنا سابقاً. حيث يحمل الهوائي الأكبر بينهما برج تغطية متنقل يوفر اتصالات الجيل الرابع أو الخامس للمتضررين في مناطق الكوارث. فيما يحمل الهوائي الأصغر أداة اتصال متقدمة تستخدم بين الشاحنات نفسها. حيث يمكن للشاحنات الأقرب إلى أماكن الاتصالات المتوافرة تشكيل شبكة مع الشاحنات الأعمق ضمن عمليات الإغاثة. وبالعمل معاً تستطيع الشاحنات إعادة الاتصالات والإنترنت إلى الأماكن المتضررة.
وبشكل مثير للاهتمام تحمل الشاحنة عدداً من الطائرات المسيرة التي يمكن إطلاقها لتشكل نقاط وصول جوية متنقلة. وبالتالي تفيد هذه الطائرات المسيرة في توفير الاتصالات على مجال أوسع في مناطق الكوارث.