جدل عربي واسع ودعاوى قضائية تلاحق أبطال الفيلم العربي “أصحاب .. ولا أعز”، الذي تعرضه منصة “نتفلكس”، بسبب ما اعتبرها منتقدوه “مخالفة لقيم المجتمع”، مع اتهام أبطاله بالدفاع عن المثلية الجنسية.
واحتل الفيلم، الذي تجسد بطولته الممثلة المصرية منى زكي، صدارة “الترند” على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، وانقسمت حوله الآراء بين مؤيد يرى أن الفن يناقش أي موضوع مهما كانت جرأته، ومعارض يعتقد أن محتوى العمل جريء وغير مناسب للثقافة العربية.
ويحكي الفيلم المقتبس عن الفيلم الإيطالي الشهير “PERFETTI SCONOSCIUTI” قصة مجموعة من الأصدقاء (ثلاثة أزواج وزوجاتهم، وصديق لهم يدعى ربيع)، يجتمعون على العشاء ويقررون لعب لعبة مثيرة، بأن يتركوا جميعاً هواتفهم على مائدة الطعام ويردون على الرسائل والمكالمات التي يتلقونها أمام الجميع، دون محاولة إخفاء أي أسرار عن المتواجدين.
وتبدأ اللعبة بمواقف كوميدية خفيفة، ثم تتطور في قالب درامي عندما يطلب “شريف” من “ربيع” استبدال هواتفهما لكي لا ينكشف أمام زوجته، وهو الذي ينتظر صور صديقته العارية، لكنّه يتورط في مشكلة أكبر عندما سيتلقى رسالة في هاتف صديقه “ربيع” تكشف ميولا جنسيا شاذا.
تتطور الأحداث بعد شجار “مريم” مع زوجها “شريف”، وتكشف عن أسرار حياتهما الجنسية، مع اكتشاف خيانة زياد لزوجته مع زوجة صديقه. وفي النهاية نكتشف أن أحداث الفيلم وكأنها حلم، وأن المعنيين لم يلعبوا تلك اللعبة، فاستمرت حياتهم كما هي دون حدوث مشاكل.
وتعليقا على الضجة التّي أحدثها الفيلم العربي، يرى الناقد الفنّي محمد الإبراهيمي، في حديث لهسبريس، أنّ “الكثير من المنتقدين للعمل الفنّي وجهوا أسهم انتقاداتهم للممثلة منى زكي، وهو ما يعكس الردّة الحضارية لمن يطلق عليهم ‘حراس الفضيلة’، متجاهلين أنّ الفيلم يتم عرضه على منصة عالمية وموجهة لجمهور نخبوي مختلف”.
من جهته، نوّه المخرج والناقد المغربي عبد الإله الجوهري بأداء منى زكي في الفيلم المثير للجدل، واعتبره من أهم أدوارها في السينما وأكثرها قناعة وشجاعة، وأضاف: “من اهتم بتبانها، وظل يفكر فيه ويعبر عن سخطه، وهو يكتب نقدا، أو ‘تدوينات وخربشات فيسبوكية’، عن الفيلم وضرورة التمسك بالأخلاق، مطلوب منه أن يتسم ببعض الشجاعة، ويتحلى في الآن نفسه بجرأة التلصص على هواتف أفراد عائلته وحيواتهم الخاصة وفضحها، لأنه حتما سيكتشف أن شخصيات ‘أصحاب ولا أعز’ يعيشون معه ويعيش هو الآخر معهم، بنفاق اجتماعي حافظ لوحدة العائلة والأسرة، بكل قرف وخرف جد خلاق”.
وتقدّم المحامي المصري أيمن محفوظ بدعوى قضائية ضدّ فيلم “أصحاب ولا أعز”، بسبب ترويجه للمثلية الجنسية، متهما منصة “نتفلكس” بضرب القيم والثوابت المجتمعية، وزاد: “كيف يمكن أن ندافع عن المثلية الجنسية ونحن في مجتمع شرقي، والمثلية في ثقافتنا فجور وفسق؟”.
وردا على ذلك، شدّدت نقابة المهن التمثيلية المصرية على “ضرورة الحفاظ على حرية الإبداع في دولة مدنية تؤمن بالحرية، كجزء أساسي من وجدان الفنانين المصريين، تحميه النقابة وتدافع عنه”، مردفة: “النقابة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام أي اعتداء لفظي أو محاولة ترهيب معنوية لأي فنان مصري أو النيل منه، نتيجة عمل فني ساهم فيه مع مؤلفه ومخرجه، وستقوم بدعم الفنانة منى زكي حال محاولة البعض اتخاذ أي إجراء من أي نوع كان تجاه الفنانة عضو النقابة”.
وتابعت النقابة ذاتها: “دور الفنون والقوى الناعمة أن تعالج القضايا الشائكة، وأن تدق ناقوس الخطر حول ظواهر كثيرة قد تتسرب لمجتمعنا، ويجب أن يتصدى لها فنانو مصر ومبدعوها بأعمالهم، التي تكشف كثيرا منها وتعطي رسالة لتنبيه الجميع، وهذا هو دور الفن في عمومه، ودور فنون التمثيل خصوصا”.