دمشق-سانا
بين سيارة وأخرى تظهر العديد من البطاقات صفراء أو خضراء اللون يحملها سائقو السيارات المصطفة على محطات الوقود في دمشق لتعبئة آلياتهم بمادة البنزين عبر البطاقة الذكية التي بدأت المحطات العامة والخاصة العمل وفق نظامها منذ العاشر من الشهر الجاري.
التجربة الجديدة لاقت استحساناً لدى مستخدميها رغم التخوف الذي ساور البعض قبل تطبيق التجربة إلا أن من حصل على البطاقة وجربها خلال الأيام الماضية يؤكد أهمية المشروع الجديد كونه ينظم كل جوانب عملية تعبئة المحروقات حسب وصف الأطراف المعنية بهذه التجربة.
وبهدف توضيح تفاصيل آلية عمل البطاقة وآراء مستخدميها رصدت كاميرا سانا طريقة استخدامها في عدد من محطات الوفود بدمشق ومنها “الجلاء والأزبكية والمزة” ونقلت استفسارات المواطنين لإدارة المحروقات التي أجابت عنها ونشرتها سانا ضمن هذه المادة.
مدير محطة الأزبكية في شارع بغداد وسيم حمامة أوضح أن الأجهزة في المحطات أصبحت جميعها مؤتمتة وجاهزة للتعبئة عبر برنامج البطاقة الذكية التي يزداد أعداد مستخدميها في كل يوم حسب ملاحظتهم للآليات القادمة للتعبئة مشيراً إلى سهولة استخدام البطاقة حيث يستطيع أي مواطن التعامل معها بالإضافة إلى ميزاتها في “ضبط عملية البيع والسيطرة على عملية توزيع المشتقات النفطية حيث يمكن لإدارة المحروقات من خلالها معرفة الكميات الداخلة والخارجة من كل محطة عمل إلى جانب الحد من تداعيات تدخل العامل البشري في هذه العملية”.
وحددت المخصصات ضمن البطاقة الذكية ب50 ليتراً يومياً على ألا تتجاوز 450 ليتراً شهرياً للآليات الخاصة و800 ليتر شهرياً للآليات العامة الأمر الذي اعتبره بعض المواطنين كافياً لسياراتهم الخاصة بينما رآه آخرون ومنهم سائق التكسي محسن أبو علي في تصريحه لـ سانا بأنه غير كاف للسيارات العاملة على خط السفر بين المحافظات وهو ما رد عليه مدير الشركة السورية لتخزين وتوزيع المواد البترولية “محروقات” مصطفى حصوية بأن المخصصات مدروسة بدقة وكافية للسيارات العامة والخاصة ولم يتم الاعتراض عليها.
وبالنسبة لمن يسافر بين المحافظات أوضح حصوية أنه يتم العمل لصالح خدمة المواطن بكل الاتجاهات وخلال أيام قليلة سيكون هناك تعويض ضمن الكازيات لمن تنتهي مخصصاته عبر البطاقة خلال السفر مبيناً: “إذا سافر سائق مثلاً من دمشق إلى طرطوس واستهلك الـ50 ليتراً التي عبأها ضمن البطاقة خلال يوم يتم تعويضه بإحدى محطات محافظة طرطوس بـ 50 ليتراً زائدة على المخصصات المحددة”.
وعند إظهار البطاقة من المواطن في محطة الوقود لتعبئة سيارته يتم إدخال رقم السيارة على جهاز الكتروني صغير يظهر كل معلومات البطاقة حيث أوضح العامل على الجهاز (عُقبة) في محطة الجلاء للمحروقات: “بمجرد إدخال رقم السيارة يظهر إن كان صاحبها حصل على بطاقة ذكية أو لا وتتم التعبئة له وفق ذلك ويخرج من الجهاز ورقة تعطى للمواطن تتضمن كل تفاصيل عملية التعبئة وزمنها وكميتها ومن أي محطة ملأ سيارته بالإضافة إلى رسالة الكترونية تصله على هاتفه الخلوي بالمعلومات ذاتها”.
ويأتي هنا التساؤل حول وضع الأشخاص الذين لم يحصلوا على بطاقة ذكية لآلياتهم إلى الآن وهو ما أوضحه العامل جمال رستم في محطة الجلاء بأن العمل بالبطاقة يسير بطريقة جيدة وفق المخصصات المحددة وخلق انضباطاً في بيع مادة البنزين ومن لا يملكها تتم التعبئة له وفق بطاقة الماستر الممنوحة للمحطات والتي تسمح للمواطن بالحصول على 30 ليتراً يومياً ريثما يحصل على البطاقة الذكية.
مدير المحروقات حصوية أشار في هذه النقطة إلى أنهم زودوا المحطات ببطاقة الماستر التي تعمل على نفس الجهاز الإلكتروني الصغير وهي مؤقتة لتسيير أمور السائقين الذين لم يستخرجوا البطاقة إلى الآن بالتعبئة لهم ريثما يراجعون المراكز للحصول على بطاقة ذكية خاصة بهم.
ورغم أن الإعلان عن إصدار البطاقة بدأ منذ الـ 26 من شهر آب عام 2017 في دمشق “أي قبل تطبيق الخدمة” بعام ونصف العام إلا أن مستخرجي البطاقة كان عددهم قليلا آنذاك إلى أن تم البدء بالعمل بها بداية الشهر الحالي في المحطات فتزايدت أعداد الراغبين بالحصول عليها ما أدى إلى الازدحام على بعض المراكز وفق حصوية الذي أوضح أن عدد البطاقات المخصصة للآليات والممنوحة إلى اليوم بلغ 129169 بطاقة لافتاً إلى أن دمشق من أولى المحافظات التي تم افتتاح 32 مركزاً فيها لإصدار البطاقة الذكية حيث سجلت سابقاً إصدار ما يقارب 300 بطاقة يومياً أما خلال الشهر الحالي فتزايد العدد كثيراً بعد البدء بتطبيق الخدمة ويتراوح الرقم حالياً بين 1500 و2000 بطاقة يومياً.
وأثناء رصد آراء عدد من المواطنين الموجودين في المحطة لتعبئة آلياتهم رأى الشاب أحمد الخياط أن المشروع ناجح وميزاته لا تنحصر في الحفاظ على مادة البنزين داخل السوق المحلية فقط وإنما يساهم بمعرفة السيارات المسروقة كون كل سيارة أصبح لها رقم الكتروني مرتبط باسم صاحبها إضافة إلى الميزة الأهم التي تمنحها البطاقة لـ “ابن البلد كونه يملك البطاقة ويملأ الوقود وفق السعر الرسمي المدعوم”.
الشابة سارة التي تستخدم البطاقة للمرة الأولى في محطة الأزبكية أعربت عن إعجابها بالفكرة لأن “أي شيء يتم تنظيمه وأتمته يصبح أفضل بالاستخدام والتعامل” وفق تعبيرها فيما أشاد السائق وسيم بآلية الرسائل التي تصله على الهاتف الخلوي مباشرة بمجرد خروجه من الكازية لإعلامه عن كل تفاصيل عملية التعبئة.
وتوجد في محطات الوقود كوادر دعم فنية هندسية من شركة “تكامل” المسؤولة عن برنامج عمل البطاقة لمعالجة أي شكوى أو استفسار من قبل المواطنين أو العاملين ضمن المحطات على مدى 24 ساعة حسب تصريح المهندس مجد حسن لـسانا الذي أضاف: “هناك مجموعة على الواتس آب بيننا وبين مديري محطات الوقود لمعالجة أي أمر يخص البطاقة الذكية وتسهيل أمور العمل وفقها”.
ميزات مختلفة يحققها مشروع البطاقة الذكية في مجال تعبئة الآليات بالمشتقات النفطية أشار إليها مدير المحروقات حصوية بقوله: “تطبيق البطاقة الذكية على مادة البنزين جزء من رؤية شركة المحروقات والوزارة لأتمتة آلية الحصول على المشتقات النفطية من المصب إلى المستهلك ومن خلالها نستطيع لأول مرة المراقبة الآنية لحركة المشتقات النفطية المدعومة والتي من الواجب إيصالها إلى مستحقيها لأنه قبل تطبيق البطاقة كان هناك صعوبة في مراقبة المحطات أو السيطرة على المادة بعد خروجها بالصهريج وتسليمها للمحطات” مضيفاً: “الآن بفضل هذا المشروع أصبحت مادة البنزين متوفرة في كل محطات المحافظات وأصبح طلب المحطات للمادة يقاس حسب البيع الذي توضح لدينا عبر برنامج البطاقة الذكية الموصول لدى كل فروع المحروقات في المحافظات لمعرفة استهلاك وبيع كل محطة”.
ولفت حصوية إلى أنه سيتم تطبيق البطاقة المخصصة للآلياتفي ريف دمشق ابتداء من31-1-2019 وبعدها سيتم تطبيقها في دير الزور والقنيطرة بعد الانتهاء من أتمتة كافة المحطات منوهاً بالوفورات التي يحققها هذا الأمر بالنسبة لمادة البنزين “من خلال استبيان بسيط تم إنجازه في أول شهر من تطبيق الخدمة في حمص وحماة كانت الوفورات تزيد على 9 ملايين ليتر من مادة البنزين وبالتالي توفير المادة في كل المحطات بتلك المحافظات وهذا الأمر لم يكن موجود سابقاً”.
الجدير بالذكر أن العاملين على الأجهزة الخاصة بالبطاقة بكافة المحطات هم من جرحى الجيش العربي السوري بهدف تأمين فرص عمل لهم وتجاوز عددهم إلى الآن الـ 500 جريح وفق حصوية.
وكانت وزارة النفط والثروة المعدنية أعلنت في السادس من الشهر الجاري عن بدء العمل بالبطاقة الذكية حصراً لمادة البنزين للآليات في محافظة دمشق بدءاً من الـ 10 من كانون الثاني.
ندى عجيبتصوير: ساجد ترمانيني