جورج باركر من لندناحتفل ديفيد كاميرون أمس الأول بالذكرى السنوية العاشرة لانتخابه زعيما لحزب المحافظين، وهو حدث جدد نقاشا حول ما هي بالضبط شخصية رئيس الوزراء وما الذي يمثله؟بعد عقد كامل على توليه التاج، من اللافت أن الأسئلة حول الغرض السياسي لوجود كاميرون لا تزال قائمة. فهو قبل كل شيء واحد من أربعة فقط من الذين قادوا حزبهم على مدى عقد من الزمن في السنوات الـ 100 الماضية. الآخرون هم مارجريت تاتشر، وونستون تشرشل، وستانلي بولدوين.بالنسبة لمنتقديه، الأسئلة حول كاميرون تعتبر غير مفاجئة. دومينيك كامينجز، وهو مستشار سابق لحزب المحافظين يدير الآن حملة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، قال ذات مرة: "كما قال بسمارك عن نابليون الثالث، كاميرون هو أو الهول، لكن دون اللغز. ليس هناك غموض يحيط به. كان يعلق صورة لماكميلان على جدار مكتبه. هذا هو كل ما تحتاج إلى معرفته".بالتالي هل يعتبر كاميرون ببساطة مجرد طالب آخر من مدرسة إيتون ولد ليحكم وأنه قانع بإدارة البلاد على غرار بطله هارولد ماكميلان؟ أم أن هناك رؤية "كاميرونية" تنتظر الظهور؟وهو لا يجعل عملية الإجابة عن تلك الأسئلة أمرا سهلا. كان بيان مهمته في السادس من كانون الأول (ديسمبر) 2005 أنشودة النصر إلى المجتمع الكبير والمساحات الخضراء التي لم تنج من أول لقاء لها مع الواقع الاقتصادي بعد انهيار عام 2008.ولم يشتمل خطاب النصر الذي أدلى به على أية إشارة إلى القضيتين اللتين تحددان فترة ولايته الثانية في داونينج ستريت. كانت هناك جملة واحدة فقط حول السياسة الخارجية ومكافحة الإرهاب، ولم ترد أية إشارة إلى خطة تقليص الدولة إلى مجرد 36 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي - هدفه لعام 2020 - وهو أدنى مستوى في التاريخ الحديث.عندما سألته "فاينانشيال تايمز" هذا العام عن إرثه، قال: "آمل أن أكون رئيس الوزراء الذي يساعد على تسوية هذين السؤالين الكبيرين: الأول، هل ترغب المملكة المتحدة في البقاء متحدة؟ نعم. ثانيا هل ترغب المملكة المتحدة في البقاء في الاتحاد الأوروبي بعد إصلاحه؟ نعم".لم يكن أي من هذين السؤالين حتى في ذهنه عندما أصبح زعيما لحزب المحافظين في عام 2005. واضطر للموافقة على التصويت على استقلال اسكتلندا وخروج بريطانيا بسبب ضغوط من الحزب الوطني الاسكتلندي وحزب الاستقلال في المملكة المتحدة، على التوالي. وليس من الواضح تماما أنه سوف يسوي هاتين المسألتين. قال أحد كبار المحافظين: "ليست هناك رؤية. إنه تقريبا يتفاعل مع ما يحدث تماما". أو كما أشار مرة السير بيتر تابسيل، وهو من كبار الأعضاء في حزب المحافظين: "أنا لم أعرف أي رئيس وزراء بارع جدا في الخروج من الورطات، لكن أيضا لم أعرف أي رئيس وزراء وقع في هذا العدد الكبير من الورطات (مثله)".مع ذلك ربما يدخل اسم كاميرون في التاريخ بوصفه واحدا من القادة المحافظين الأكثر نجاحا في العصر الحديث. عندما تولى قمة الحزب في عام 2005 في سن 39 عاما، كان الحزب خارج السلطة لمدة ثماني سنوات وبدت هيمنة حزب العمال برئاسة بلير/براون آمنة.وكان فوزه الواضح في الانتخابات في أيار (مايو) هو المرة الأولى التي يفوز فيها المحافظون منذ أن فاز جون ميجور في عام 1992. وكان كاميرون باستمرار أكثر شعبية من حزبه. يبدو أن الناخبين أقل قلقا من المحافظين اليمينيين حول النقاء الأيديولوجي. ديفيد ديفيز، منافسه السابق، يعترف: "إنه يبدو مناسبا في منصبه، ويؤدي دوره بشكل جيد".لم يكن هذا هو الحال دائما. في سنواته الأولى زعيما للمحافظين كان ينظر إليه باعتباره شخصا "غشيما". وكانت سياسته الاقتصادية من حيث الأساس هي أن تتماشى مع خطط الإنفاق الخاصة بجوردون براون. فقط بعد انهيار عام 2008 أخذ ينظر إلى برنامج حزب العمال على أنه تبذير.لكن بحسب الإجماع في وستمنستر، كبر كاميرون في وظيفته. حالة الطوارئ في المالية العامة التي أعاقت بقسوة خططه في حالة انحسار الآن، ومن المحتمل أن نستبين في النهاية الخطوط العريضة لمشروع كاميرون لفترة ولايته الثانية. قال تشارلز ووكر، وهو نائب عن حزب المحافظين: "كان هناك قدر كبير من الشوائب التي تعيقه في البداية، لكنه (...) أدار منصب رئاسة الوزراء بشكل أفضل وأفضل".منذ الانتخابات كان كاميرون يحاول استعادة مكانة بريطانيا على الساحة العالمية - التي تضاءلت في فترة ولايته الأولى - من خلال زيادة ميزانيات الدفاع والدبلوماسية وإرسال سلاح الجو الملكي إلى سورية لقصف أهداف "داعش".فضلا عن إصلاح الاقتصاد - بريطانيا تتمتع بأفضل نمو في مجموعة البلدان السبعة - ويأمل كاميرون أيضا أن يتذكره الناس على أنه سمح لوزراء الإصلاح بالازدهار تحت جناحه الأرستقراطي. سواء كان جورج أوزبورن في وزارة المالية، أو مايكل جوف في التعليم، والآن العدالة، أو إيان دنكان سميث في الرعاية الاجتماعية.توترات أجندته الأولى عام 2005 – المثقلة بالليبرالية الاجتماعية - كانت دائما قريبة من السطح وكانت هناك نجاحات. قال قبل عشرة أعوام: "نحن بحاجة إلى تغيير الطريقة التي نشعر بها". وقال: "لا مزيد من التذمر حول بريطانيا الحديثة".أوفى كاميرون بوعده "بتغيير الطريقة التي ننظر بها". عندما أصبح زعيم حزب المحافظين كان لدى الحزب 17 نائبة؛ الرقم الآن 68 وهناك كثير من النواب المحافظين من الأقليات العرقية.وبرغم جميع الاتهامات التي تقول إن كاميرون لا يمثل أي شيء، خاطر مع حزبه في إصرار بالتزام بريطانيا بإنفاق 0.7 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي على المساعدات الخارجية. ورفض الرضوخ لضغط نواب المحافظين للتخلي عن دعمه لزواج المثليين، وكان من المؤيدين لأهداف الرعاية الشاملة للخدمات الصحية الوطنية.ويرى بعض المراقبين أن وفاة ابنه المعوق، إيفان، بالشلل الدماغي في سن السادسة عام 2009 كان حدثا حاسما. اللورد فيلدمان، رئيس مجلس حزب المحافظين وصديقه، قال في ملاحظة للمؤلف أنتوني سيلدون: "كان ديفيد مجرد خريج آخر موهوب من مدرسة إيتون حتى وفاة إيفان. ما قدمه له إيفان هو الرحمة والإنسانية".كان خطاب كاميرون في مؤتمر الحزب هذا العام محاولة لربط رؤيته للمجتمع الكبير في عام 2005 بجدول الأعمال الاقتصادي بعد الانهيار الذي فرض عليه.تبين في النهاية أن مدة عشر سنوات على رأس السياسة كانت فوق طاقة تاتشر وجوردون براون. وكان كاميرون عازما على تجنب هذا المصير، حين أعلن قبل الانتخابات العامة في أيار (مايو) الماضي أنه لن يرشح نفسه لفترة ولاية ثالثة. بالنسبة له، التمسك بسلامته العقلية ربما يعد من بين أعظم إنجازاته. قال لـ "فاينانشيال تايمز" هذا العام: "أنا لم أصب بالجنون، لا أعتقد ذلك".من أقوالهتشرين الأول (أكتوبر) 2005: "أنا وريث بلير" (يقال إنها جاءت أثناء لقاء مع المديرين التنفيذيين للصحف).كانون الأول (ديسمبر) 2005: "هناك شيء موجود اسمه المجتمع. كل ما في الأمر أنه ليس نفسه هو الدولة".تشرين الأول (أكتوبر) 2006: "حزب الاستقلال في معظمه حفنة من (...) الكعك والمجانين والعنصريين في السر".تموز (يوليو) 2009: "الحمق الكثير يجعل الإنسان مجنونا" (حول وسائل الإعلام الاجتماعية).8 أيار (مايو) 2010: "أريد تقديم عرض كبير ومفتوح وشامل لحزب الديمقراطيين الأحرار. أريد أن نعمل معا لمعالجة مشاكل بلادنا الكبيرة والعاجلة - أزمة الديون، ومشاكلنا الاجتماعية العميقة، والنظام السياسي المحطم" (يفتح الباب أمام الائتلاف).أيلول (سبتمبر) 2014: "إنهم يقتلون ويذبحون الآلاف من الناس (...) ويتباهون بوحشيتهم (...) ويزعمون أنهم يفعلون ذلك باسم الإسلام - وهذا كلام فارغ. الإسلام هو دين السلام. هم ليسوا مسلمين، إنهم وحوش" (حول "داعش").8 أيار (مايو) 2015: "عندما وقفت هنا منذ خمس سنوات، كان بلدنا في قبضة أزمة اقتصادية. الآن وقد مرت خمس سنوات على ذلك، بريطانيا تعتبر حتى أقوى بكثير من قبل، ولكن الفرص الحقيقية تنتظرنا" (خطاب الفوز بالانتخابات). إنشرها